تعتبر الاستراتيجية السياسية هي العمود الفقري لبناء الإرادة الوطنية وتماسك الجبهة الوطنية ونجاح التخطيط الاستراتيجي الشامل. كما أن النظر إلى تعقيدات البيئة الدولية التي تشكل مسرح عمل الدولة، مثل الظروف والتطورات العلمية والتقنية والدولية، العولمة بأبعادها السياسية والتشريعية والاقتصادية والثقافية، حرية التجارة الدولية، والمخططات الاستراتيجية الأجنبية متقنة الصنع والإعداد، عمق الصراع الدولي حول المصالح.. الخ..، يشير إلى أهمية تعزيز القدرات التفاوضية للدولة، وهذا يقود للمستوى المطلوب من الطرح الفكري السياسي الذي يستجيب للتطورات الدولية والعلمية، وهو ما يعبر عنه بالاستراتيجية السياسية التي يتم من خلالها تنفيذ ما يتم التوصل إليه من رؤية وطنية فضلًا عن امتلاك الدولة لإرادتها وقرارها الوطني دون أي عوامل أجنبية تؤثر سلبًا عليه أو تقيده. لقد أثبتت العديد من البحوث والدراسات بأن كافة المخططات الاستراتيجية التي قدر لها النجاح مثل المخطط الذي قاد النهضة في الولايات المتحدة، أو المخطط الياباني الذي نجم عنه العملاق الياباني، أو المخطط الألماني.. إلخ لم تكن لتنجح لولا وجود استراتيجيات سياسية تضبط الأداء والإيقاع السياسي، وتحمى الدولة من خطر التدخل الأجنبي في السيادة الوطنية. في ظل الصراع الدولي العنيف حول المصالح، فإنه من البدهي إدراك أن الدول النامية، بإمكاناتها وثرواتها الطبيعيـة الضخمة، تحتاج إلى تخطيط جرئ ومبادر وتوجهات استراتيجية جريئة بعيدًا عن المجاملات التي تميز الساحة السياسية في معظم الدول النامية، وهو مبدأ لا يوفره إلا التخطيط الاستراتيجي. هذا وغيره ستجده في هذا البرنامج.